تعريف التنمية الاقتصادية:
بذلت الكثير من المحاولات لتحديد لمفهوم التنمية، حتى غدا هذا المفهوم من المفاهيم الشائعة لدى الأفراد أو الهيئات، هذا بعد أن تعددت مفاهيمها لدرجة أحدثت نوع من الخلط بينها وبين مفاهيم أخرى كالتطور والتقدم والنمو الاقتصادي. ويعد الاقتصادي "شومبيتر" أول من حاول التمييز بين النمو الاقتصادي والتنمية. فالنمو يحدث عادة بسبب نمو السكان والثروة والادخار، في حين أن التنمية تنتج من التقدم والابتكار التقنيين، وأن النمو يتمثل في حدوث تغيرات كمية في بعض المتغيرات الاقتصادية. أما التنمية فتتضمن حدوث تغيرات نوعية في هذه المتغيرات. ويتضح من ذلك أن النمو الاقتصادي يسبق التنمية وهو ظاهرة تحدث في المدى القصير، في حين أن التنمية لا تحل إلا على المدى الطويل، ولا يمكن الحكم عليها إلا بعد مضي فترة زمنية طويلة نسبيا.
وعلى ذلك نخلص إلى أن النموGrowth هو عملية زيادة تلقائية ثابتة مستمرة وتطور بطئ تدريجي يحدث في جانب معين من جوانب الحياة، أما التنمية Development فعبارة عن عملية تحقيق زيادة تراكمية متعمدة ودائمة تحدث عبر فترة من الزمن و تحتاج إلى دفعة قوية عن طريق جهود منظمة تخرج المجتمع من حالة الركود والتخلف إلى حالة التقدم والنمو. ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن مشكلة البلاد المتخلفة ليست في حاجتها إلى مجرد النمو، وإنما في حاجتها للتنمية سواء الاجتماعية أو الاقتصادية بالأسلوب الكيفي والكمي.
جاء في تعريف هيئة الأمم المتحدة لعام 1956م أن التنمية هي العمليات التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية، ولمساعدتها على الاندماج في حياة الأمة والمساهمة في تقدمها بأقصى قدر مستطاع. هذا في حين يتفق كل من "سلتز" و "روستو" W. Rostow على اعتبار أن التنمية تكون بتخلي المجتمعات المتخلفة عن السمات التقليدية السائدة فيها، وتبني الخصائص السائدة في المجتمعات المتقدمة.
ويذكر "ماير" Meier أن التنمية عملية تفاعلية يزداد خلالها الدخل الحقيقي للدولة خلال فترة معينة، ويتفق معه "بولدوين" Boldwin في ذلك، ولكنه يضيف أن تحقق التنمية يتطلب توافر معدلات عالية من النمو في قطاعات اقتصادية واجتماعية وسياسية أخرى. ويشير سيد عويس إلى أن تنمية المجتمع تكون باشتراك أعضاء المجتمع انفسهم في الجهود التي تبذل لتحسين مستوى المعيشة في محيطهم بعد تزويدهم بالخدمات والمعونات اللازمة لمساعدتهم وبأسلوب يشجع على المبادرة والاعتماد على النفس والمشاركة الإيجابية، ويلزم لذلك أن يتميزوا بدرجة عالية من التعاون فيما بينهم. في حين يضيف عاطف غيث تعريفا آخر للتنمية يرى فيه أنها التحرك العلمي المخطط لمجموعة من العمليات الاجتماعية والاقتصادية ، تتم من خلال ايدلوجية معينة لتحقيق التغيير المستهدف، من أجل الانتقال من حالة غير مرغوب فيها إلى حالة مرغوب الوصول إليها.
أما "نيتل" و"روبرتسون"Nettle & Robertson فقد عرفا التنمية بأنها "العملية التي بمقتضاها تسعى الصفوف القومية –بنجاح نحو الحد من انخفاض مكانة أممهم، والتحرك نحو مساواة هذه الأمم بالأمم الأخرى التي تحتل مكانة مرموقة".
ومما سبق نشير إلى أن مفهوم التنمية يتمثل في كونها "عمليات مخططة وموجهة في مجالات متعددة تحدث تغييرا في المجتمع لتحسين ظروفه وظروف أفراده من خلال مواجهة مشكلات المجتمع وإزالة العقبات وتحقيق الاستغلال الأمثل للإمكانات والطاقات، بما يحقق التقدم والنمو للمجتمع والرفاهية والسعادة للأفراد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق