إن هذا الكتاب "لماذا
تفشل الأمم: أصول السلطة والازدهار والفقر" للكاتبين دارن أسيموجلو وجيمس أ. روبنسون
الباحثين في مؤسسة ماساتشوستس للتكنولوجيا، يعد موسوعة فريدة في مناقشة قضايا
الفقر في العديد من الدول المتقدمة والنامية، حيث يحاول الكاتبان خلال الكتاب عرض
العديد من تجارب النجاح والفشل في العديد من الدول مثل مصر، والدولة العثمانية، وكوريا
الجنوبية مقارنة بـكوريا الشمالية، والصين، والاتحاد السوفياتي السابق، وبريطانيا،
وذلك لإثبات الفكرة الرئيسية من هذا الكتاب، وهي أن الفقر لا ينتج عن موقع الدولة
ومواردها الاقتصادية، بل يعتمد على مدى الرغبة الحقيقية لدى حكام الدولة ومؤسساتها
في تحقيق النجاح والتقدم للشعوب.
ويشير الكاتبان إلى أن العولمة والانفتاح
الاقتصادي، لهما آثار سلبية على الدول النامية والفقيرة، حيث تؤدي هذه الظواهر
الحديثة إلى ضعف قوة الدولة وجعلها تابعاً وليس مستقلاً ًفي إدارة الدولة، حيث
أصبح دور الدول في النظام الدولي الحالي ضعيفاً للغاية، لاسيما تلك الدول الفقيرة
والتي لا تستطيع إدارة مصيرها، مما يؤدي في النهاية إلى إنهيار تلك البلدان عبر
فشل مؤسسات الدولة على تحقيق الحياة الكريمة لمواطنيها.
وفي سبيل ذلك يستشهد الكاتبان بالتجربة
المصرية في القرن العشرين، حيث استطاع محمد على باشا بناء الدولة المصرية الحديثة
التي استطاعت منافسة الدول الكبرى في العديد من الصناعات، وكذلك تجربة كوريا
الشمالية التي استطاعت عبر العلم والتكنولوجيا تحقيق تقدم كبير بالمقارنة بجاراتها
كوريا الجنوبية، التي منعت المواطنين من الابتكار والمشاركة في بناء الدولة عبر
تبنى سياسة التخطيط المركزي للدولة.
ويؤكد الكاتبان على أن الفساد السياسي وفشل
مؤسسات الدولة هما السببان الرئيسيان في انهيار الدول، ويدلل الكاتبان على ذلك في
مقدمة الكتاب بالثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير 2011، فعلى الرغم من أن
الاقتصاد المصري كان يحقق نمو اقتصادي في تلك الفترة يعتبر جيد، إلا أن الفساد
داخل مؤسسات الحكم دفع المصريين جميعهم بالخروج لاسقاط النظام القائم.
ويأتي الكتاب الذي استغرق 15 عاماً في تأليفه
في 15 فصل، يحاول الكاتبان عبرهما بحث قضايا الدول المختلفة من حيث الفقر والنمو
والتنمية، ومشاكل التقدم والتأخر، وكذلك الأسباب التي تؤدي إلى فشل الدول، مع
تقديم رؤية مناسبة لتحقيق التنمية في الدول الفقيرة.
إن هذا الكتاب "لماذا تفشل الأمم"
يزخر بالعديد من التجارب للبلدان المختلفة، حيث يستشهد الكاتبان بنماذج مختلفة في
ظروفها الجغرافية والتاريخية والدينية وكذلك الثقافية، وذلك من أجل استخلاص
الأحكام والنتائج العامة لأسباب التقدم والتآخر، وبالتالي تقديم رؤية مغايرة
لكيفية تحقيق الدول للتقدم الاقتصادي.
رابط تحميل الكتاب:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق