ترجمة/ عمرو خليل السعيد
ترجمة مقال للكاتب نوح سميث الخبير الاقتصادي والكاتب في «بلومبيرغ» بعنوان
وقد انخفضت الانبعاثات بشكل ملحوظ في المملكة المتحدة، وبشكل متواضع في فرنسا، بينما لم تتغير كثيراً في اليابان. وقد نمت هذه الاقتصادات عبر بذل قليل من الجهد في خلق مزيد من القيمة المضافة في السلع والخدمات، كما أنها كانت أقل الدول في ضخ الغازات الدفينة في الغلاف الجوي.
وكما يبدو من الجدول، فإن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي تقع خارج النتيجة السابقة، فعلى عكس الدول الأخرى، استخدمت الولايات المتحدة كميات أكبر من الكربون عام 2011 مقارنة عام 1995، في مقابل انخفاض ما انفقته من الدولارات في مقابل انبعاثات الكربون، الأمر الذي يعني أن الولايات المتحدة نقلت بالفعل انبعاثاتها إلى الدول النامية، لذا ينبغي أن تكون تلك النتيجة دعوة للاستيقاظ للولايات المتحدة، لأن دولاً مثل الصين وروسيا أحرزت تقدماً كبيراً في هذا الاتجاه. لذا يبدو أن الإدارة الحالية تحرك الولايات المتحدة في الاتجاه الخاطئ.
ترجمة مقال للكاتب نوح سميث الخبير الاقتصادي والكاتب في «بلومبيرغ» بعنوان
Capitalism Can Thrive Without Cooking the Planet
تسود العديد من الأفكار الخاطئة في الدوائر البيئية حول العلاقة بين الرأسمالية والبيئة، حيث ينادي الكثير من المهتمين بشؤون التغير المناخي بضرورة إيقاف الدول لعمليات النمو الاقتصادي لأن ذلك يهدد البيئة في العالم. الأمر الذي حول هذا النقاش من النقاش العقلاني إلى نقاشات أروقة السياسة الحزبية، فمن جهة يدعي البعض أن الأنشطة الدولية المهتمة بالمناخ هي مؤامرة ضد الرأسمالية، ومن جهة أخرى يدعي البعض أن هناك تناقضاً كبيراً بين الرأسمالية والاستدامة. لكن الحقيقة أن هذه الأحاديث خاطئة تماماً، فالنمو الاقتصادي يتوافق تماماً مع تقليل نسب الانبعاثات التي تهدد العالم مثل ثاني أكسيد الكربون.
فخلال العقود الماضية حققت العديد من البلدان الغنية في أوروبا وشرق آسيا وأمريكا اللاتينية نمواً اقتصادياً كبيراً، ولكن انبعاثات الكربون من معظم تلك البلدان قد استقرت بل بدأت في الإنخفاض في السنوات الأخيرة.
وقد انخفضت الانبعاثات بشكل ملحوظ في المملكة المتحدة، وبشكل متواضع في فرنسا، بينما لم تتغير كثيراً في اليابان. وقد نمت هذه الاقتصادات عبر بذل قليل من الجهد في خلق مزيد من القيمة المضافة في السلع والخدمات، كما أنها كانت أقل الدول في ضخ الغازات الدفينة في الغلاف الجوي.
لكن الاعتراضات الشائعة حالياً، هو تجاهل فكرة "الاستعانة بمصادر خارجية"، حيث عملت البلدان المتقدمة على نقل صناعاتها الملوثة للبيئة إلى البلدان النامية والفقيرة والتي تتمثل في أنشطة التصنيع والتعدين وغيرها من الأنشطة الباعثة للكربون. لذا من المفيد أن نتسائل هل تعمل البلدان الغنية بكفاءة أكبر من ذي قبل، أم أنها فقطت قامت بشحن أنشطتها الملوثة إلى الخارج؟
ولحسن الحظ، فإن الاقتصاديين لديهم طرق لتقدير مدى حدوث ذلك بالفعل، فعلى سبيل المثال قام الباحثان كيرستن وييب ونوريهيكو يامانو من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتقديم ورقة بحثية عام 2015 حول هذا الموضوع. ويتمثل نهج هذه الورقة في قياس مقدار انبعاثات الكربون التي يتطلبها إنتاج كل دولة.
لكن المشكلة أن الأمر أصعب مما يبدو عليه، وذلك بسبب ما يعرف "بسلاسل التوريد"، فكل منتج يتم إنتاجه يعتمد على مجموعة من السلع والخدمات الأخرى التي يتم إنتاجها في أكثر من دولة، وبالتالي من الصعب في كثير من الأحيان قياس مقدار الإنبعاثات الكلية والجزئية التي حدثت في تاريخ هذا المنتج. فسعر الآي فون على سبيل المثال يتضمن تكلفة المواد الخام والمكونات المتطورة والتصميم والتسويق والبرمجيات، وأغلب هذه المدخلات تمثل انبعاثات للكربون في الجو، مثل حرق الفحم لتوليد الكهرباء، والنفط لتشغيل المركبات والآلات. وتسمى كمية الكربون الناتجة عبر مجمل تلك العمليات المختلفة ب"الانبعاثات الكلية".
وقد اعتمد الباحثان وييب ويامانو في تقدير الانبعاثات المتجسدة في كل مرحلة على طريقة شائعة، تعتمد على جمع البيانات عن مقدار الكربون الذي تصدره كل صناعة في كل بلدن ثم يتم استخدام جداول المدخلات والمخرات لتقدير مدى إضافة كل صناعة إلى قيمة المنتج النهائي، ثم يتم مقارنة استهلاك الكربون لكل بلد في عام 2011 مقارنة بعام 1995.
وقد وجد الباحثان أن البلدان الغنية التي تقوم بكثير من التعدين مثل إستراليا وكندا تميل بصفة عامة إلى زيادة انبعاثاتها خلال الفترة من 1995 إلى 2011، وكذلك الآمر بالنسبة للبلدان النامية مثل كوريا الجنوبية. لكن البلدان المتقدمة الغنية التي لديها موارد طبيعية أقل مثل المملكة المتحدة وألمانيا واليابان فإن استخدام الكربون بها إما ثابتاً أو في إتجاه منخفض.
لكن الحقيقة أن تلك النتائج على الرغم من تفاؤلها، وإظهارها أن إجمالي انبعاثات الكربون يمكن أن تنخفض، إلا أن العكس هو الذي يمكن أن يحدث، لاسيما وأن الدول النامية عام 2011 كانت لا تزال تتعافي من الركود الكبير.
ومع ذلك فإن الباحثين وييب ويامانو يعطيان سبباً كبيراً للتفاؤل، حيث وجدا أن جميع البلدان سواء النامية أو المتقدمة انفقت الكثير من الدولارات في مقابل كل كيلو جرام من الكربون انبعث في عام 2011 مقارنة بما كانت تنفقه قبل 16 عاما. وفيما يلي صورة لثماني دول رئيسية متقدمة ونامية:
وكما يبدو من الجدول، فإن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي تقع خارج النتيجة السابقة، فعلى عكس الدول الأخرى، استخدمت الولايات المتحدة كميات أكبر من الكربون عام 2011 مقارنة عام 1995، في مقابل انخفاض ما انفقته من الدولارات في مقابل انبعاثات الكربون، الأمر الذي يعني أن الولايات المتحدة نقلت بالفعل انبعاثاتها إلى الدول النامية، لذا ينبغي أن تكون تلك النتيجة دعوة للاستيقاظ للولايات المتحدة، لأن دولاً مثل الصين وروسيا أحرزت تقدماً كبيراً في هذا الاتجاه. لذا يبدو أن الإدارة الحالية تحرك الولايات المتحدة في الاتجاه الخاطئ.
وتشير تلك الأرقام بصفة عامة، إلى أن الاقتصادات يمكن أن تتمتع بكفاءة أكبر في استخدام الكربون في إنتاج المنتجات ذات القيمة للشعوب. وعلى الرغم من أن تخفيض الانبعاثات قد يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي قليلاً، لكن الأمر لا يحتاج إلى إيقافه تماماً. كما أنه من المتوقع أن تنخفض الانبعاثات باستمرار مع زيادة استخدام الطاقة الشمسية والتكنولوجيا الحديثة والتي ستنخفض تكلفتها مع الوقت، مما يعني أن البلدان سوف تتحول مع الوقت من مصادر الطاقة التقليدية الملوثة للبيئة إلى الطاقة المتجددة الغير ملوثة. ويؤكد ذلك في النهاية أن التقدم التكنولوجي يمكن أن يحافظ على استمرار الرأسمالية دون الحاجة إلى طهي الكوكب.
رابط المقال على بلومبيرغ:
https://www.bloomberg.com/view/articles/2017-06-22/capitalism-can-thrive-without-cooking-the-planet
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق