الركود التضخمي: كيف تؤدي السياسة الحمائية الأمريكية إلى تفاقمه في الدول النامية؟
يتناول هذا المقال تحليل لأثر الركود التضخمي على الدول النامية، مع ربطه بالسياسات الحمائية الأمريكية المتصاعدة وتأثيرها على التضخم والنمو العالمي. ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول النامية إلى تحقيق النمو، يظهر خطر "الركود التضخمي" كأحد أعقد التحديات الاقتصادية، حيث يتزامن تباطؤ النمو مع ارتفاع الأسعار، مدفوعًا بجملة من العوامل العالمية وعلى رأسها السياسات الحمائية المتصاعدة للولايات المتحدة.
ما هو الركود التضخمي؟
الركود التضخمي (Stagflation) هو حالة اقتصادية نادرة تجمع بين تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم في آنٍ واحد، وهو مزيج يربك صناع السياسات الاقتصادية، نظرًا لتضارب أدوات المعالجة: فخفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو قد يرفع التضخم أكثر، بينما رفعها لكبح الأسعار قد يفاقم الركود.
الدور المتصاعد للسياسات الحمائية الأمريكية
منذ إدارة ترامب، ثم بشكل أكثر نضجًا في إدارة بايدن، تتبع الولايات المتحدة سياسة اقتصادية أكثر انغلاقًا وحمائية تحت شعارات مثل "Buy American" و"إعادة التصنيع المحلي". من أبرز ملامحها:
-
فرض رسوم جمركية على الواردات من الصين وأوروبا.
-
إعانات ضخمة للصناعات الأمريكية (مثل السيارات الكهربائية والرقائق).
-
قيود على صادرات التكنولوجيا.
ورغم أن هذه السياسات تهدف إلى دعم الاقتصاد الأمريكي، فإنها تُحدث أثارًا ارتدادية عالمية تضرب أساسًا الأسواق الناشئة.
كيف تؤدي الحمائية الأمريكية إلى تفاقم الركود التضخمي في الدول النامية؟
1. ارتفاع تكلفة الواردات
عندما تفرض أمريكا أو شركاؤها قيودًا تجارية، ترتفع أسعار المنتجات المستوردة عالميًا. الدول النامية التي تعتمد على استيراد المواد الخام أو المعدات تصبح أول من يتأثر بالزيادة في الأسعار.
2. اضطراب سلاسل التوريد العالمية
الحمائية تؤدي إلى إعادة توزيع سلاسل الإنتاج على أسس سياسية لا اقتصادية، مما يرفع التكاليف ويزيد من نقص السلع، ويخلق ضغوطًا تضخمية جديدة.
3. هروب الاستثمار الأجنبي
يشجع المناخ الحمائي رؤوس الأموال على العودة إلى الاقتصاد الأمريكي، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة هناك، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمار في الأسواق الناشئة وتراجع النمو.
4. الضغط على العملات المحلية
زيادة التضخم مع ضعف النمو يُضعف ثقة المستثمرين بالعملات المحلية، ما يؤدي إلى انخفاض قيمتها مقابل الدولار، وبالتالي ارتفاع تكلفة خدمة الديون الدولارية.
لماذا هو خطير على الدول النامية؟
-
ضعف المرونة المالية: تفتقر معظم الدول النامية إلى حيز مالي يتيح لها استخدام أدوات التيسير الكمي أو حوافز ضريبية كبيرة.
-
ارتباط بالديون الخارجية: ارتفاع الفوائد عالميًا يرفع تكلفة خدمة الدين الخارجي.
-
اعتماد على الواردات: يؤدي تراجع قيمة العملة وارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والطاقة إلى تعميق الأزمة.
-
ضعف المرونة المالية: تفتقر معظم الدول النامية إلى حيز مالي يتيح لها استخدام أدوات التيسير الكمي أو حوافز ضريبية كبيرة.
-
ارتباط بالديون الخارجية: ارتفاع الفوائد عالميًا يرفع تكلفة خدمة الدين الخارجي.
-
اعتماد على الواردات: يؤدي تراجع قيمة العملة وارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والطاقة إلى تعميق الأزمة.
أمثلة حديثة
-
مصر وباكستان شهدتا معدلات تضخم تتجاوز 30%، تزامنًا مع تباطؤ النمو.
-
تركيا واجهت ركودًا جزئيًا في ظل سياسات نقدية غير تقليدية.
-
مصر وباكستان شهدتا معدلات تضخم تتجاوز 30%، تزامنًا مع تباطؤ النمو.
-
تركيا واجهت ركودًا جزئيًا في ظل سياسات نقدية غير تقليدية.
ما الحل؟
-
تنويع مصادر التمويل بعيدًا عن الديون القصيرة الأجل.
-
التركيز على سلاسل التوريد المحلية لتقليل الاعتماد على الخارج.
-
إصلاح منظومة الدعم لتصبح أكثر استهدافًا.
الركود التضخمي ليس مجرد مشكلة قصيرة الأجل، بل اختبار لقدرة صناع السياسات في العالم النامي على الموازنة بين متغيرات معقدة تحت ضغط شعبي وسياسي متزايد.
-
تنويع مصادر التمويل بعيدًا عن الديون القصيرة الأجل.
-
التركيز على سلاسل التوريد المحلية لتقليل الاعتماد على الخارج.
-
إصلاح منظومة الدعم لتصبح أكثر استهدافًا.
الركود التضخمي ليس مجرد مشكلة قصيرة الأجل، بل اختبار لقدرة صناع السياسات في العالم النامي على الموازنة بين متغيرات معقدة تحت ضغط شعبي وسياسي متزايد.
تعليقات
إرسال تعليق