البرلمان الإيراني يوافق على غلق مضيق هرمز، ماذا يعني ذلك للاقتصاد العالمي؟


في خطوة تصعيدية خطيرة، أعلن البرلمان الإيراني صباح الأحد، موافقته الرسمية على إغلاق مضيق هرمز، شريان الطاقة العالمي، في انتظار التصديق النهائي من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني. هذه الخطوة جاءت كرد مباشر على الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة في فوردو ونطنز وأصفهان، فيما وصفته واشنطن بـ"الضربة القاضية" للبرنامج النووي الإيراني.

لكن السؤال الأكبر الآن: ماذا يعني فعليًا إغلاق مضيق هرمز من الناحية الاقتصادية؟

أولًا: ما هو مضيق هرمز؟

مضيق هرمز هو ممر بحري ضيق يربط الخليج العربي بخليج عمان ثم بالمحيط الهندي، تمر منه يوميًا نحو 20% من تجارة النفط العالمية، أي ما يزيد عن 17 مليون برميل نفط يوميًا. تمر عبره صادرات دول الخليج من النفط والغاز، في مقدمتها السعودية، الإمارات، الكويت، وقطر.

بمعنى آخر، إغلاقه يعادل خنق شريان الطاقة الذي يغذي الاقتصاد العالمي.

ثانيًا: ماذا يعني هذا الإغلاق للأسواق؟

إغلاق المضيق ليس مجرد إجراء عسكري... بل هو زلزال اقتصادي بكل المقاييس:

  • ارتفاع حاد في أسعار النفط: الأسواق تتوقع فورًا قفزات عنيفة في أسعار النفط قد تتجاوز حاجز الـ150 دولارًا للبرميل في حال استمرار الغلق. هذا قد يُشعل التضخم عالميًا ويُربك سياسات البنوك المركزية.

  • اضطراب سلاسل التوريد: كثير من السلع والبضائع تمر عبر الخليج، بما فيها المواد البتروكيميائية والغاز المسال. انقطاع الإمدادات يعني توقف المصانع وارتفاع أسعار الإنتاج عالميًا.

  • ضغوط على الاقتصادات الناشئة: الدول المستوردة للطاقة، خاصة في آسيا وأفريقيا، ستكون الأكثر تضررًا. ارتفاع الفاتورة النفطية سيؤدي إلى عجز في الميزانيات وارتفاع الديون.

  • خطر على أمن الطاقة الأوروبي: أوروبا، التي تعاني أصلًا من تداعيات الحرب في أوكرانيا، قد تجد نفسها أمام أزمة طاقة جديدة أكثر تعقيدًا في حال تأثر الإمدادات القادمة من الخليج.

ثالثًا: هل هو تهديد عابر أم تغيير في قواعد اللعبة؟

إيران بإغلاقها لمضيق هرمز لا تستهدف فقط الولايات المتحدة، بل توجّه رسالة مباشرة للعالم: "إذا لم نأمن مصالحنا، فلن تنعموا أنتم باستقرار السوق". هذا القرار قد يُعتبر بمثابة سلاح اقتصادي نووي، قد يعيد تشكيل خريطة التحالفات وخطط الطوارئ لدى كبرى الدول المستهلكة للطاقة.

رابعًا: السيناريوهات المحتملة

  1. تصعيد سريع: إذا صادق المجلس الأعلى في طهران على القرار، فقد نكون أمام حرب اقتصادية عالمية، تبدأ من أسواق النفط، وقد تمتد إلى مواجهة عسكرية مباشرة في الخليج.

  2. تراجع محسوب: إيران قد تستخدم القرار كورقة ضغط دبلوماسي، تمهيدًا لمفاوضات بشروط جديدة، مع الولايات المتحدة أو أوروبا.

  3. تدخل دولي عاجل: القوى الكبرى، خصوصًا الصين والهند والاتحاد الأوروبي، لن تقف مكتوفة الأيدي. ربما نرى تدخلات لوجستية أو سياسية لضمان استمرار الملاحة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن "اقتصاد البجعة السوداء"؟!

كتاب EVIEWS والقياس الاقتصادي للدكتور خالد محمد السواعي

تعرف على الفرق بين الاقتصاد الواقعي والاقتصاد المثالي