يعرف الناتج المحلي الإجمالي بأنه أحد المؤشرات الاقتصادية الذي يعطي قياس
نقدي لإجمالي السلع والخدمات التي أنتجت داخل حدود دولة ما خلال فترة زمنية معينة
(عادة ما تكون عام) سواءاً أنتجت بواسطة عناصر إنتاج وطنية أو أجنبية.
إذا يعبر الناتج المحلي الإجمالي عن القيم السوقية للسلع النهائية
والخدمات، وتنظر عدد من المنظمات الدولية إلى إجمالي الناتج المحلي للفرد بإعتباره
مؤشراً لمستوى المعيشة في الدولة، ولا يعد الناتج المحلي الإجمالي للفرد مقياسا
للدخل الفردي.
وتعد اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي من الاقتصادات المستقرة على مدى
العقود الماضية وقد استفادت من الثروة البترولية لديها، لذا يقارب إجمالي حجم
الناتج المحلي الاجمالي لدول الخليج نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية
مجتمعه[1].
وقد أجبر تدهور أسعار النفط دول الخليج على اتخاذ إجراءات تقشفية غير
مسبوقة شملت تقليص دعم الوقود وفرض ضرائب جديدة غير مباشرة. كذلك، تم إرجاء مشاريع
اقتصادية كبيرة.
والسعى ولإيجاد عائدات (جديدة) مثل الضريبة على القيمة المضافة، ومن المتوقع
ان تضيف هذه الضريبة نحو 1.5% إلى إجمالي الناتج الداخلي ما أن تطبق بحلول 2018،
كذلك هناك حاجه لتنويع الاقتصادات الخليجية والبعد عن الارتباط بسلعة واحدة (النفط)
وهي مهمة ليست بالسهلة الإ ان دول مجلس التعاون الخليجي وضعت خطط لتنويع
اتقاصداتها في الأعوام المقبلة.[2] وسيتناول هذا البحث الناتج المحلي الإجمالي وتوزيعه
بمجلس التعاون الخليجي.
أولاً:- حجم الناتج المحلي الإجمالي بدول مجلس التعاون الخليجي.
استطاعت دول مجلس التعاون الخليجي تحقيق طفرة اقتصادية من خلال اعتمادها
على ثرواتها البترولية وتوجيه الاستثمارات إلى القطاعات الانتاجية من خلال
الصناديق السيادية، الإ أن البنك الدولي توقع أن يتباطئ معدل النمو الاقتصادي في
دول الخليج إلى 1.8% من خلال بيانات عام 2016، وذلك لتراجع الموارد المالية
المخصصة للإنفاق العام لمواجهة العجز المالي المتزايد الذي يصل إلى 11.6% من
الناتج المحلي الإجمالي[3].ويعطي
الشكل رقم (1) تصوراً حول حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون
الخليجي لعام 2015.
شكل رقم (1)
إذ توضح البيانات المنشورة بموقع البنك الدولي عن حجم ناتج محلي بلغ نحو
646 مليار دولار بالمملكة العربية السعودية وهي بذلك تحتل المرتبة الأولي من حيث
حجم الناتج المحلي الإجالي بين دول مجلس التعاون، وتأتي الإمارات العربية المتحدة
في المركز الثاني بناتج محلي إجمالي بلغ نحو 370 مليار دولار، بينما استحوذت دولة
قطر على المركز الثالث بحجم ناتج محلي بلغ نحو 164 مليار دولار، ودولة الكويت في
المرتبة الرابعة بناتج محلي إجمالي قرابة 114 مليار دولار، وفي المرتبة الخامسة
عمان بناتج بلغ إزاء 70 مليار دولار، وأخيرا في المرتبة السادسة تأتي عمان بناتج
محلي إجمالي متواضع قدر بنحو 31 مليار دولار أمريكي.
ثانياً:- نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2008: 2015.
ولا تزال مخاطر تراجع النمو الاقتصادي العالمي وتراجع الطلب الكلي مقلقله
لدى الدول المصدرة للبترول عامة ودول مجلس التعاون الخليجي، إذ يؤثر ذلك شكل مباشر
على تراجع الطلب العالمي للنفط[4]،
حيث واجه اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي عقبة تقلب اسعار النفط في السوق العالمي
مما أثر على العوائد المادية ومن ثم موازنات دول المجلس على وجه العموم[5]، وتعتبر الكويت و قطر و السعودية من اكثر
الدول التى تأثرة سلبياً لاعتمادهما على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وهذا ما يوضحه شكل
رقم (2).
وكانت المشكلات التي واجهت قطاع النفط وتراجع سعر برميل النفط إلى نحو 30
دولار بعد أن تخطي حاجز 100 دولار لبرميل النفط الخام أحد أسباب تقلب معدل نمو
الناتج المحلي الإجمالي بدول مجلس التعاون الخليجي وهذا ما يوضحه جدول رقم (1)
ونعبر عنه بيانياً من خلال شكل رقم (3).
جدول رقم (1)
نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2008: 2015
2008
|
2009
|
2010
|
2011
|
2012
|
2013
|
2014
|
2015
|
|
المملكة العربية السعودية
|
8.4
|
1.8
|
4.8
|
10
|
5.4
|
2.7
|
3.6
|
3.5
|
الكويت
|
2.5
|
-7.1
|
-2.4
|
9.6
|
6.6
|
1.1
|
0.5
|
1.8
|
الإمارات العربية المتحدة
|
3.2
|
-5.2
|
1.6
|
5.2
|
6.8
|
4.7
|
3.1
|
3.8
|
عمان
|
8.2
|
6.1
|
4.8
|
-1.1
|
9.3
|
4.4
|
2.5
|
5.7
|
البحرين
|
6.2
|
2.5
|
4.3
|
2
|
3.7
|
5.4
|
4.4
|
2.9
|
قطر
|
17.7
|
12
|
19.6
|
13.4
|
4.7
|
4.4
|
4
|
3.6
|
وكان إنعكاس الأزمة المالية
العالمية في عام 2008 وكذلك تراجع اسعار النفط منذ بداية يونيو 2014 والتي تراجعت
بشكل حاد بأكثر من 50٪ من قيمتها، وأدت التقلبات الحالية لاسعار النفط العالمية
الى خسائر مالية لدول مجلس التعاون الخليجي قد تصل إلى 300 مليار دولار مما دفع
الى اعادة النظر نحو التنويع الاقتصادي[6].
وتعتبر الكويت و قطر و السعودية من اكثر الدول التى ستتأثر سلبياً لاعتمادهما على
النفط كمصدر رئيسي للدخل. وتعتبر السعودية من أكبر الاقتصاديات في منطقة الخليج
حيث تستحوذ على 47% من الناتج المحلي الإجمالي،
و تمثل شحنات النفط 87٪ من إجمالي الصادرات. على الرغم من ان قطر هي واحدة
من أغنى الدول في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد ولكن نظراً
لاعتماد الاقتصاد القطري بشكل كبير على استخراج النفط والغاز التي تمثل 85٪ من
عائدات التصدير و 70٪ من الإيرادات الحكومية ستتأثر ايراداتها بشكل كبير بانخفاض اسعار النفط و
بالتالى ليس من الطبيعي استمرار اعتماد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على
سلعة واحدة كمصدر للإيرادات و التصدير.[7]
أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تذبذب شديد في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي
والذ حقق نموا سالبا في بعض السنوات، خلال فترة الدراسة، بكلا من الكويت التي حققت
نمواً سالباً بلغ نو 7.1% عام 2009، ثم معدل نمو سالباً ايضاَ بلغ نحو 2% في عام
2010 وما زال تعافي الاقتصاد الكويتي، من حيث معدل النمو، منخفضا وبلغ نحو0.5% في
عام 2014 ليحقق مستوى مرتفع بلغ 1.8% عام 2015.
وكذلك الأمر بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة والتي حققت نموا
سالباً بلغ 5.1% عام 2009، ليرتفع تدريجيا بعد ذلك إلى أن وصل لنحو 3.8% عام 2015.
وكذلك حققت عمان نموا سالبا بلغ نحو 1.1% عام 2011. وتراجع معدل النمو بدولة قطر
من نحو 17.7% عام 2008 إلى ما دون 4% عام 2015. وفي المجمل تأثرت دول مجلس التعاون
الخليجي بتراجع اسعار النفط والتقلب في اسواق المال العالمية. وهذا ما يتضح جلياً
من الشكل رقم (3) والذي يوضح اتجاهات معدلات النمو بدول مجلس التعاون
الخليجي خلال فترة الدراسة.
ثالثاً:- نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
نصيب الفرد من الدخل أو حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي،
تعبر عن مؤشر اقتصادي يقيس درجة التنمية الاقتصادية في بلد ما وأثرها الاجتماعي، ويتم ذلك من
خلال قسمة قيمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان. لذلك هو ليس القيمة الحقيقية
لانتاج الافراد، وهو يستعمل كذلك لقياس مستوى الرفاه الاجتماعي لمواطني الدولة.
وجدير بالذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي من الدول ذات الدخل المرتفع لكل
فرد، وهذا ما تظهره بيانات الشكل رقم (4)، حيث يأتي نصيب الفرد القطري من
الناتج المحلي بالأسعار للدولار الأمريكي
لعام 2013 نحو 73 ألف دولار، احتل بها الترتيب الأول بين بين دول الخليج.
وتأتي دولة الإمارات العربية المتحدة في
المرتية الثانية من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والذي يقدر بنحو
40.4 ألف دولار، ثم دولة الكويت التي احتلت المرتبة الثالثة في مؤشر نصيب الفرد من
الناتج بنحو 29.3 ألف دولار سنويا، وفي المرتبة الرابعة حلت دولة البحرين بنحو
22.6 ألف دولار لكل فرد، وفي المرتبة الخامسة حلت المملكة العربية السعودية بنصيب
فرد من الناتج بلغ 20.5 ألف دولار، وأخيرا دولة عمان بنصيب فرد أقل بلغ نحو 15.%
ألف دولار أمريكي.
ومن الملاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعه تتمتع بنصيب مرتفع من
الدخل لكل فرد وتأتي دولة قطر كأغنى دول الخليج والعالم من حيث الناتج المحلي
الإجمالي للفرد الواحد ولكن نظراً لاعتماد الاقتصاد القطري خصوصا ودول مجلس
التعاون على وجه العموم بشكل كبير على استخراج النفط والغاز من عائدات التصدير والتي
تمثل النصيب الأكبر من الإيرادات الحكومية،
كان لازما السير قدما من أجل تنويع اقتصادات مجلس التعاون والتي تأثرت بشكل كبير
بسبب إنخفاض اسعار النفط وبالتالى ليس من الطبيعي استمرار اعتماد اقتصادات دول
مجلس التعاون الخليجي على سلعة واحدة، أي النفط، كمصدر للإيرادات والتصدير.
رابعاً:- التنويع الاقتصادي.
يتضمن التنويع
الاقتصادي التنويع الأفقي أو التكامل
الافقي الذي يسمح بالدخول الى بعض المجالات الجديدة – التي قد تكون مترابطة او غير
مترابطة بقطاع النفط . كما يتضمن التنويع الرأسي الذي يهدف الى تطوير المنتج
وزيادة القيمة المضافة باستخدام مدخلات محلية أو مستوردة . تعتمد دول مجلس التعاون
الخليجى على التنويع الرأسي بشكل كبير من خلال القيام بإستخراج النفط والغاز
والقيام بصناعات التكرير، وصناعات البتروكيماويات والصناعات كثيفة الطاقة مثل
الألمنيوم. تعتمد هذه الصناعات على النفط بشكل كبير وعادة ما تكون مشاريع واسعة
النطاق وكثيفة رأس المال وبشكل عام مملوكة للدولة.ويعتبر التنويع الحقيقي هو تحقيق
مزيد من التكامل الافقى من خلال القيام بصناعات تهدف الى الاحلال محل الواردات مثل
الأغذية ، مواد البناء، تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والسياحة وغيرها ، عادة ما
يكون الاستثمار فى هذه القطاعات صغيرة أو متوسطة النطاق، وكثيفة عنصر العمل وغالباً
ما تكون مملوكة للقطاع الخاص.
وعلى الرغم من الإنجازات التي حققتها دول مجلس التعاون الخليجى فى نطاق
التنويع الأفقي، إلا إنها ليست كافية لحماية اقتصاد هذه الدول من أي اضرابات تؤثر
على ايرادات النفط الخام خصوصاً إذا استمرت الاضرابات على المدى المتوسط أو
الطويل. بالاضافة الى اعتمادها على زيادة تدفقات رؤوس الاموال من القطاع النفطى
لذلك، ينبغي على هذه الدول استكمال استراتجيات التعاون بينهما من خلال تحقيق السوق
الخليجية المشتركة واقامة منطقة تجارة حرة التي تسهل حركة البضائع والافراد . كما
ينبغي من مواجهة المشاكل الناجمة عن عدم القدرة على تحقيق التوازن بين التنويع
والمزايا النسبية التنافسية. فقد يكون التنويع الاقتصادي على حساب عدم القدرة على
تحقيق الميزة التنافسية والعكس صحيح فقد تحد اهمية تحقيق الميزة التنافسية من
إمكانية التنويع. لذلك، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي ان تتبع سياسات تهدف إلى
حماية الصناعات الناشئة.
الملخص
سيؤدي انخفاض أسعار النفط العالمية إلى انخفاض فى ايرادات الميزان التجاري
للبلدان المصدرة للنفط ومنها دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن الاحتياطيات النقدية
الكبيرة من العملات الاجنبية في معظم هذه البلدان ستجنب الانخفاض في الإنفاق الحكومي او الانكماش على
المدى القصير.
وينبغي على دول مجلس التعاون الخليجي اتخاذ التدابير اللازمة نحو توجيه
الفائض من أصولها نحو المشاريع التى تحقيق إنتاجية عالية تهدف إلى زيادة التصدير
والعمل على فتح أسواق جديدة لمنتجاتها، خاصة مع نجاح هذة الدول فى انشاء وتطوير
بنيتها الاساسية من تعليم وصحة وفى قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الذي
يؤهلها إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي إلى 25%
بحلول عام 2020 مقارنة بحوالي 10% في الوقت الحالي حيث تضمن هذه النسبة التنويع
الاقتصادي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان عدالة توزيع الثروات بين
الأجيال، ويمكن لدول مجلس التعاون الخلييجي تحقيق التنويع الاقتصادي من خلال
1- تطوير الاستثمارات الخليجية في الخارج
لتوفير عائدات غير نفطية من هذه الاستثمارات مثل فكرة صناديق الثروة السيادية التي
لعبت دورا في استراتيجية التنويع. وتهدف إلى استثمار عائدات النفط في أي من
الصناعات المحلية أو الدولية، وتمثل مصدر للدخل أكثر استقرارا من عائدات النفط
المتقلبة. على الرغم من أن دول الخليج تمتلك ما يقدر ب 1659 مليار دولار فى هذه
الصناديق حتى عام 2012، فإنها قد لا تنجح فى خلق فرص عمل محلية أو المساهمة في
تعليم وتدريب القوى العاملة المحلية لانها تنفذ في الخارج. لذالك ينبغى
الاستعانة بالموارد البشرية المحلية و
العمل على تدريبها لتكون أكثر فائدة.
2- ضخ الاستثمارات في القطاعات الصناعية ذات الإنتاجية العالية، واستخدام
النقد الأجنبي لتعزيز نقل التكنولوجيا وتشجيع ودعم تصدير المنتجات غير النفطية.
3- التأكد من تزويد العمال المحليين بنظم تعليم وتدريب تؤهلهم للعمل في
القطاع الخاص وتطوير البحث العلمي.
4- تشجيع إقامة شراكات مع الدول التى حققت طفرات اقتصادي مثل دول جنوب شرق
اسيا.
5- الاستفادة من تجارب الدول التنويع الاقتصادي مثل كندا والنرويج وماليزيا
6- الاستفادة من الميزة التنافسية التى حققتها دول الخليج فى مجال
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فوفقا لمؤشرات تطور تكنولوجيا المعلومات
والاتصالات، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجى
من قائمة اعلى 60 دولة من أصل 166 دولة حسب التقرير السنوي للاتحاد الدولي للاتصالات[8].
قائمة المراجع
1. مكة المكرمة، 2.64
تريليون دولار حجم الناتج المحلي للدول العربية
نصفه للخليج، تاريخ النشر 3 ديسمبر 2016، رابط إلكتروني: https://goo.gl/YLMWIZ
2.
Simeon Kerr, IMF cuts Gulf states’ GDP growth forecast to
1.8%, Financial Times, April 26, 2016, at: https://www.ft.com/content/69374e78-0a47-11e6-9456-444ab5211a2f
3.
International Monetary Fund, Economic Prospects and Policy Challenges for the GCC Countries, October 26, 2016, at: https://www.imf.org/external/np/pp/eng/2016/102616b.pdf
4.
International
Monetary Fund, Developments Regional Economic Outlook Report, January 2015.
5.
International
Monetary Fund, Developments Regional Economic Outlook Report, January
2015.
8.
International
Telecommunication Union, Measuring the Information Society Report ,
Geneva Switzerland,2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق