عودة سوريا إلى الاقتصاد العالمي: الفرص والتحديات
بعد أكثر من عقد من العزلة الاقتصادية والعقوبات الدولية الصارمة، تشهد سوريا تحولاً مفصليًا في مسارها الاقتصادي مع الإعلان عن رفع العقوبات الأميركية والأوروبية، وعودة الاتصالات مع المؤسسات المالية الدولية. وتأتي هذه التطورات في ظل إرادة سياسية دولية لإعادة دمج سوريا في النظام الاقتصادي العالمي، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار وإعادة الإعمار، لكنه في الوقت نفسه يطرح تحديات عميقة تتعلق بالبنية المؤسسية، والاستقرار السياسي، والبنية التحتية المتضررة.
أولاً: السياق السياسي والاقتصادي الجديد
في مايو 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، تبعه قرار مماثل من الاتحاد الأوروبي. وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية "الرخصة العامة رقم 25"، التي تسمح بإجراء تعاملات مالية مع الحكومة السورية الجديدة، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تسهيل الاستثمارات وتوفير الخدمات الأساسية. ورافق ذلك إعفاء مؤقت من قانون قيصر لمدة 180 يومًا، مع توجه داخل الكونغرس الأميركي نحو تشريع دائم لرفع العقوبات.
توازيًا، بادرت دول خليجية، مثل السعودية وقطر، إلى تسديد ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي، في مؤشر على انخراط إقليمي فاعل في دعم التعافي الاقتصادي السوري.
في مايو 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، تبعه قرار مماثل من الاتحاد الأوروبي. وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية "الرخصة العامة رقم 25"، التي تسمح بإجراء تعاملات مالية مع الحكومة السورية الجديدة، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تسهيل الاستثمارات وتوفير الخدمات الأساسية. ورافق ذلك إعفاء مؤقت من قانون قيصر لمدة 180 يومًا، مع توجه داخل الكونغرس الأميركي نحو تشريع دائم لرفع العقوبات.
توازيًا، بادرت دول خليجية، مثل السعودية وقطر، إلى تسديد ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي، في مؤشر على انخراط إقليمي فاعل في دعم التعافي الاقتصادي السوري.
كما صرح مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، إن بعثة من صندوق النقد الدولي في سوريا هذا الأسبوع لتقييم الأوضاع المالية والاقتصادية.
ثانيًا: الفرص الاقتصادية الناشئة
1. قطاع النقل والطيران
يُعد قطاع النقل من أبرز المستفيدين من رفع العقوبات. فقد كانت شركات الطيران السورية تعاني من تقادم الأسطول ونقص قطع الغيار. ومع رفع القيود، بات من الممكن استيراد قطع الغيار المعتمدة من شركات مثل "إيرباص" و"بوينغ"، ما يحسّن معايير السلامة ويعيد تشغيل الخطوط الدولية.
2. القطاع المصرفي والمالي
كان القطاع المصرفي في سوريا معزولًا عن النظام المالي العالمي، خصوصًا عن منظومة SWIFT. ومع رفع العقوبات، بدأت الجهود للعودة إلى المنظومة المالية الدولية. كما يُنتظر أن يسمح ذلك بفتح قنوات تمويل جديدة، وتمهيد الطريق لعودة البنوك الأجنبية، شريطة إصلاح النظام المصرفي المحلي وإقرار قانون عصري للقطاع.
3. قطاع النفط والغاز
يُعد النفط شريانًا اقتصاديًا رئيسيًا لسوريا. ورفع العقوبات يفتح الباب مجددًا أمام تصدير النفط واستيراد المعدات التقنية، ما يعزز الإيرادات العامة ويقلل الاعتماد على المساعدات.
4. الزراعة والصناعات التحويلية
أثرت العقوبات بشدة على الزراعة والصناعة، لا سيما في تدفق مستلزمات الإنتاج. ومع إزالة القيود، يمكن توفير التكنولوجيا والآلات اللازمة، مما يرفع من الإنتاجية ويعزز الأمن الغذائي.
5. الاستثمار والقطاع الخاص
يشير الخبراء إلى ضرورة إصدار قانون استثمار بمعايير دولية، مع وضع خريطة استثمارية واضحة وتأسيس محكمة تجارية مختصة، لتوفير بيئة آمنة وجاذبة للمستثمرين. وقد بدأت بالفعل بعض الدول الأوروبية في استكشاف الفرص الاستثمارية في السوق السورية.
ثالثًا: التحديات أمام إعادة الاندماج الاقتصادي
1. ضعف البنية المؤسسية
لا تزال البنية المؤسسية في سوريا تعاني من ضعف كبير، ويحتاج النظام المصرفي إلى إعادة هيكلة شاملة، تشمل تحديث التشريعات، وتعزيز استقلالية المصرف المركزي، ودمج البنوك في المنظومة العالمية.
2. غياب قانون استثمار عصري
حتى اللحظة، تفتقر سوريا إلى قانون استثمار يواكب التطلعات، ما يحد من قدرة الدولة على جذب رؤوس الأموال الأجنبية. المستثمرون يسألون: "أين هو القانون؟ وأين هي الحوافز؟"
3. عدم استقرار سعر الصرف
تعاني الليرة السورية من تذبذب شديد، حيث أصبح سعر السوق السوداء أقل من السعر الرسمي. ويرتبط الاستقرار النقدي بمدى تدفق الاستثمارات الأجنبية، وهو ما لم يتحقق بعد.
4. الفساد والبيروقراطية
تعد البيروقراطية والفساد من العقبات الرئيسية أمام جذب الاستثمار، ما يتطلب إصلاحًا إداريًا ومؤسساتيًا، وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة.
رابعًا: مستقبل الاقتصاد السوري في ضوء التجارب الدولية
يشير الخبراء إلى إمكانية تحقيق ناتج قومي يتجاوز 65 مليار دولار خلال خمس سنوات، والوصول إلى 200 مليار بحلول 2035، إذا تبنت الحكومة السورية إصلاحات اقتصادية عميقة تستند إلى نماذج ناجحة مثل: سنغافورة، ورواندا، وكوريا الجنوبية.
ختاماً؛ إن عودة سوريا إلى الاقتصاد العالمي تمثل منعطفًا تاريخيًا حاسمًا. فبينما تشكل نهاية العقوبات فرصة نادرة لإعادة الإعمار والتنمية، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة إصلاحية حقيقية، وبنية قانونية شفافة، واستقرارًا سياسيًا واقتصاديًا طويل الأمد. وسيتحدد مستقبل سوريا الاقتصادي بقدرتها على تحويل الانفتاح الدولي إلى مسار تنموي مستدام، يضع الإنسان السوري في صلب العملية الاقتصادية.
تعليقات
إرسال تعليق