التعديلات المرتقبة في حزمة التيسيرات الجمركية الجديدة في مصر: ملامحها وآثارها الاقتصادية


مقدمة

 في خطوة طال انتظارها، تستعد وزارة المالية المصرية للإعلان عن حزمة تيسيرات جمركية جديدة من شأنها أن تُحدث نقلة كبيرة في بيئة الأعمال والتجارة في مصر. هذه التعديلات التي تم العمل عليها خلال الشهور الماضية، ستشمل تغييرات في ثلاثة قوانين جمركية، من بينها تعديل 15 مادة قانونية واستحداث 3 مواد جديدة. وتهدف الحزمة إلى معالجة التحديات التي يواجهها مجتمع الأعمال والمستوردين والمُصنّعين، مع تحسين كفاءة الإفراج الجمركي وتسريع وتيرته.

أهم ملامح التعديلات المرتقبة

من أبرز الملامح المنتظرة لهذه التعديلات، إمكانية سداد الرسوم الجمركية بالتقسيط، وتفعيل منظومة المخاطر العالمية لتسريع الإفراج عن الشحنات الأقل خطورة، إضافة إلى إعادة تحديد نسب الهالك للمصانع، بما يسهم في تقليل النزاعات مع الجهات الرقابية وتحقيق قدر أعلى من المرونة في العمليات التشغيلية داخل المصانع.

ولعل أهم ما يميز هذه الحزمة هو هدفها الطموح في تقليص زمن الإفراج الجمركي، الذي يستغرق حاليًا نحو ثمانية أيام، إلى يومين فقط خلال المرحلة الأولى، والتي تمتد من 9 إلى 12 شهرًا، على أن يتم تقليص الزمن لاحقًا ليصل إلى ساعات معدودة فقط. هذا التغيير من شأنه أن ينعكس إيجابيًا على حركة التجارة والصناعة، ويزيد من تنافسية الاقتصاد المصري في المنطقة.

ضمن التعديلات، سيتم إطلاق منصة إلكترونية موحدة لأسعار السلع الأكثر ورودًا بالجمارك، وذلك بهدف القضاء على التقديرات الجزافية المتفاوتة بين المنافذ المختلفة. كما سيتم السماح بتقسيط الضريبة الجمركية لمدة ستة أشهر، مع إعفاء المستوردين من غرامات التأخير عن أول ثلاثة أشهر، ما يخفف العبء المالي على الشركات المستوردة، خاصة الصغيرة والمتوسطة.

التعديلات تشمل أيضًا تطبيق نسبة هالك تصل إلى 3% في المناطق الحرة وذات الطبيعة الخاصة، في خطوة تستهدف إنهاء المشكلات المتراكمة مع هيئة الرقابة الصناعية، والتي نتجت عن الخلافات حول نسب الفاقد من المواد الخام. كما سيتم تأجيل تحصيل الضريبة الجمركية عبر منصة "نافذة" حتى وصول البضائع، وهو ما يمثل دعمًا مباشرًا للسيولة المتاحة لدى المصنعين، في ظل التحديات التمويلية الحالية.

أما من حيث نظم الضمان، فسيتم توسيع قائمة الضمانات المقبولة لتشمل وثائق التأمين، مما يفتح الباب أمام مزيد من المرونة في التعاملات الجمركية، ويقلل من الاعتماد الكامل على خطابات الضمان البنكية. وتماشياً مع توجه الدولة نحو الرقمنة، سيتم اعتماد المدفوعات الإلكترونية بشكل كامل، مع إتاحة وسائل دفع متعددة لتسهيل الإجراءات على جميع المتعاملين.

وفيما يخص الصادرات، سيتم تحديث منظومة المخاطر الجمركية بما يسمح بتحويل الرسائل الواردة تحت نظام "تحت التحفظ" إلى "مستلزمات إنتاج" بسهولة، دون فرض أعباء إضافية، ما ينعكس بشكل مباشر على تشجيع الإنتاج المحلي وتسهيل التصدير. ويمكن اجمال أهم هذه التعديلات كما يلي

o       إطلاق منصة جديدة موحدة لأسعار السلع الأكثر ورودا بالجمارك، لتجنب التقديرات الجزافية بين المنافذ الجمركية.

o       السماح بتقسيط الضريبة الجمركية لمدة ستة أشهر، مع عدم فرض غرامات تأخير عن الأشهر الثلاثة الأولى فقط.

o       إدخال نسبة هالك تصل إلى 3% للمناطق الحرة وذات الطبيعة الخاصة، لحل المشكلات المتراكمة والمحاضر المرفوعة من قبل هيئة الرقابة الصناعية ضد المصنعين.

o       تأجيل تحصيل الضريبة الجمركية عبر منظومة "نافذة" حتى وصول البضائع، لتخفيف الأعباء المالية عن المصنعين.

o       توسيع قائمة الضمانات المقبولة من المستوردين لدى مصلحة الجمارك، لتشمل وثائق التأمين.

o       قبول المدفوعات الإلكترونية عبر وسائل الدفع المختلفة، تماشيا مع استراتيجية الحكومة للتحول الرقمي.

o       تحديث منظومة المخاطر والسماح بسهولة التحول من الرسائل الواردة بنظام "تحت التحفظ" إلى مستلزمات إنتاج دون أعباء، لتيسير الأمر على الصادرات المصرية.

الأثار الاقتصادية المتوقعة

من الناحية الاقتصادية، من المتوقع أن تؤدي هذه التيسيرات إلى تحفيز الصادرات المصرية من خلال تسريع دورة التوريد وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات في الأسواق الخارجية. كما ستُسهم في خفض تكاليف الاستيراد والتصنيع عبر تقسيط الرسوم وتأجيل التحصيل، مما يعزز ربحية الشركات وقدرتها على التوسع.

كذلك، فإن تقليل النزاعات مع الجهات الرقابية وتوحيد المعايير الجمركية بين المنافذ سيعزز من استقرار بيئة الأعمال ويشجع المستثمرين على الدخول إلى السوق المصري بثقة أكبر. ومن المتوقع أن تساهم هذه الحزمة في تحسين ترتيب مصر في مؤشرات التنافسية اللوجستية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية.

خاتمة

في المجمل، تمثل هذه التعديلات المرتقبة نقلة نوعية في السياسة الجمركية للدولة، وهي انعكاس لإرادة حكومية حقيقية نحو بناء بيئة أعمال أكثر كفاءة ومرونة، تلبي طموحات مجتمع الأعمال، وتعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني في الداخل والخارج.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن "اقتصاد البجعة السوداء"؟!

كتاب EVIEWS والقياس الاقتصادي للدكتور خالد محمد السواعي

تعرف على الفرق بين الاقتصاد الواقعي والاقتصاد المثالي