كتب/ Solow El-Masry
"عندما أسمع عن فقاعة عقارية أشعر أن الأفراد لم يقوموا بربط النقاط مع بعضها البعض" (جيمس غلاسمان)
"عندما أسمع عن فقاعة عقارية أشعر أن الأفراد لم يقوموا بربط النقاط مع بعضها البعض" (جيمس غلاسمان)
في موجة ارتفاع أسعار العقارات تباينت وجهات النظر حول
كينونة هذا الارتفاع، فمنهم من أنذر بمواجهة الاقتصاد المصري لفقاعة عقارية ومنهم
من أشار إلى إنها مجرد ارتفاع أسعار كردة فعل طبيعية لتزايد الطلب.
والحديث حول مواجهة أو عدم مواجهة مصر لفقاعة عقارية ليس
بالمنطوق السهل الذي يُرمى به، فالأمر برمته يصعب
الحكم عليه دون النظر في الأسباب والمحددات.
فالفقاعة العقارية هي ارتفاع
أسعار العقارات -نتيجة
زيادة الطلب عن العرض - بطريقة تدفع المستثمرين وغير
المستثمرين للولوج إلى السوق بهدف المضاربة على الأسعار لتحقيق مكاسب رأسمالية
فيزداد العرض عن الطلب، ويستمر ارتفاع الأسعار بطريقة جنونية حتى تصل إلى أسعار
خيالية – مصحوبة بشح في السيولة- ومن ثم هبوط
الأسعار وأزمة سيولة وحدوث الفقاعة.
وهذا يعنى – بطريقة
مبسطة - أن زيادة الأسعار نتيجة زيادة الطلب لا يعنى بأي شكل من الأشكال فقاعة
عقارية، وإنما الأمر يبدو طبيعياً بديهياً بتأثير زيادة الطلب.
ولوهلةٍ ما، يظن البعض
أن المجتمع المصري متشبع من المعروض السكني، إلا أن هذه النظرة قد تكون غير صائبة
إذا ما تم تقسيم هيكل الطلب إلى ثلاث شرائح رئيسية (محدودي الدخل – متوسطي الدخل-
الدخل المرتفع)، فسنجد أن المحرك الرئيسي لهيكل الطلب على العقارات هي شريحة
متوسطي الدخل التي تمثل ما قارب من 60 % من هيكل الطلب.
ووفقاً ل (جيه إل إل) –
شركة متخصصة في تقديم الخدمات العقارية – فإن شريحة متوسطي الدخل تواجه نقص في الوحدات
السكنية المتاحة لهم، بل إن الأمر وصل إلى أن الفجوة ما بين الطلب والعرض على
الوحدات السكنية لهذه الفئة تتزايد من فترة إلى أخرى نتيجة للزيادة السكانية من
جهة واستهداف الشركات العقارية لأصحاب الدخول المرتفعة من جهة أخرى.
وسيكولوجياً، وبالنظر
إلى التوجهات السكنية للمجتمع المصري – خاصةً القاهرة الكبرى – نجد أن التوجه
السائد - بين جميع الفئات العمرية في جميع طبقات المجتمع المصري - هو الاتجاه إلى المناطق
العمرانية الجديدة مما يعزز الاتجاه الصعودي لكلاً من الطلب والعرض، ومما يحمل في
طيته أن انخفاض بعض أسعار العقارات في بعض المناطق إنما يشير إلى مفهوم التخلص من
العقارات بالأماكن المزدحمة وحتى وإن تطلب الأمر التضحية بجزء من القيمة السعرية للعقار.
وهذا يقودنا إلى نتيجة
مفادها أن ارتفاع أسعار العقارات إنما يُدفع من جانب الطلب ومُعززة بزيادة التكلفة
بجانب العرض.
ومما يُعزز وجهة النظر
القائلة بعدم احتمالية مواجهة مصر لفقاعة عقارية هي طريقة الشراء والتي تعتمد إما على الدفع نقداً والاستلام أو الدفع
مقدماً ثم تقسيط باقي المبلغ على فترات قصيرة – تتراوح من سنتين إلى 5 سنوات – أو
من خلال التسهيلات المصرفية لعملاء لديهم الجدارة الائتمانية وهي تمثل الطريقة
الأقل.
فعلى عكس أزمة الرهن
العقاري التي حدث إبان الأزمة المالية العالمية 2008 التي مَثّل التمويل المصرفي الأساس
بها من خلال قروض غير مدروسة ائتمانياً - أو بما تسمى بقروض النينجا-، بل وصل الأمر
إلى منح تسهيلات لأفراد لا يعملون من الأساس.
فخلاصة الأمر أن سوق
العقارات المصري لا يشهد حالة من الفقاعة العقارية بقدر ما يشهد حالة من ارتفاع
الأسعار نتيجة ازدياد الطلب من جهة وارتفاع تكلفة الإنشاءات من جهة آخرى، كما أننا لم نصل بعد إلى مرحلة زيادة
العرض عن الطلب، وفى حالة -وإن حدث- انخفاض في الأسعار إنما يشير إلى مفهوم تصحيح
الأسعار ولا ينذر بأزمة عقارية في الأجل المتوسط على أقل تقدير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق