الاقتصاد العالمي في 2025: بطء النمو، اضطراب الوظائف، وتحديات الذكاء الاصطناعي


 

شهد الاقتصاد العالمي مطلع عام 2025 موجة جديدة من التباطؤ، وفقًا لتقرير "توقعات التوظيف الاجتماعي العالمية WESO 2025" الصادر مؤخرًا. التقرير يعكس واقعًا دقيقًا ومقلقًا في آنٍ واحد، حيث تتراكم الضغوط الجيوسياسية، وتتصاعد اضطرابات التجارة، في حين تزداد مخاوف فقدان الوظائف بسبب الأتمتة والذكاء الاصطناعي.

تباطؤ النمو والتوظيف عالميًا

  • انخفاض عدد الوظائف: فُقِد نحو 7 ملايين وظيفة مقارنةً بالتوقعات السابقة، مع خفض عدد الوظائف المتوقعة في عام 2025 إلى 53 مليونًا بدلاً من 60 مليون.

  • تراجع النمو الاقتصادي العالمي: تم تعديل توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 2.8% بدلًا من 3.2% في توقعات أكتوبر 2024 ويناير 2025.

  • أبرز العوامل المسببة:

    • تعريفات جمركية متبادلة، خاصة من الولايات المتحدة.

    • توترات جيوسياسية متصاعدة.

    • اضطرابات في سلاسل الإمداد والتوريد.

تباينات إقليمية كبيرة

  • الأمريكتان: أكبر تراجع في التوقعات، إذ انخفض النمو إلى 1.8% بدلًا من 2.3%، والتوظيف إلى 1.2% بدلًا من 1.6%.

  • الدول العربية: هبوط كبير في النمو من 4.1% إلى 2.3%، متأثرة بتقلبات أسعار النفط والصراعات الإقليمية.

  • آسيا والمحيط الهادئ: لا تزال المنطقة الأكثر مرونة، لكنها أيضًا تواجه تباطؤًا طفيفًا في نمو التوظيف من 1.9% إلى 1.7%.

مخاطر جديدة تهدد سوق العمل

  • 84 مليون وظيفة في 71 دولة مهددة بسبب عدم اليقين المرتبط بالتجارة، خاصة في آسيا والمحيط الهادئ (56 مليون عامل).

  • العمالة غير الرسمية لا تزال منتشرة: 57.8% من العمال عالميًا (2 مليار شخص)، مع ارتفاع واضح في إفريقيا (+29.3%) والدول العربية (+36.1%) منذ 2014.

  • تراجع حصة الدخل العمالي: انخفضت إلى 52.4% في 2024 (من 53% في 2014)، ما يعني فقدان العامل العادي لما يعادل 290 دولارًا سنويًا.

فجوة المهارات تتسع

  • عدم التوافق بين المؤهلات والوظائف: 47.7% فقط من العاملين لديهم تعليم يتناسب مع وظائفهم.

  • زيادة حالات الإفراط في التعليم (Over-education) إلى 18.9% (من 15.5% في 2013)، خاصة في الدول ذات الدخل المرتفع.

الذكاء الاصطناعي التوليدي وتداعياته على الوظائف

  • نحو 23.8% من الوظائف معرضة بدرجة متوسطة إلى عالية لتأثير الذكاء الاصطناعي، خاصة الوظائف التي تتطلب مهارات متوسطة أو عالية مثل المحاسبين ومطوري البرمجيات.

  • الوظائف منخفضة المهارة تظل الأكثر أمانًا، مع تعرض لا يتجاوز 0.8%.

  • يُتوقع أن تتزايد الأتمتة الجزئية للمهام بدلًا من الاستبدال الكامل للوظائف، ما يتطلب إعادة تدريب وتحويل مسارات مهنية.

دروس وسياسات مطلوبة للمرحلة القادمة

  • تنويع مصادر النمو لتقليل الاعتماد على التجارة العالمية المتقلبة.

  • تعزيز التحول إلى العمل الرسمي وتحقيق مواءمة أفضل بين المهارات وسوق العمل.

  • إعادة النظر في السياسات الضريبية والاجتماعية لضمان توزيع أكثر عدلاً للعوائد.

  • اعتماد استراتيجيات استباقية للذكاء الاصطناعي لحماية الوظائف المعرضة للخطر وتعزيز فرص التحول المهني.

لماذا حدث هذا التراجع؟

  • فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية شاملة في أبريل 2025، ما عرقل حركة التجارة العالمية.

  • تراجع ثقة المستهلكين والشركات في الربع الأول من 2025.

  • التضخم العالمي لا يزال مرتفعًا (بمتوسط 4.4%)، مما يُقيد أدوات السياسات النقدية.

خاتمة: اقتصاد 2025.. هش، غير متكافئ، ومضطرب تقنيًا

يبدو أن الاقتصاد العالمي يقف على مفترق طرق، يتأرجح بين تباطؤ النمو، واضطراب سلاسل الإمداد، وتزايد عدم المساواة، وتحولات التكنولوجيا السريعة. الحفاظ على استقرار سوق العمل وتحقيق تنمية شاملة وعادلة يتطلبان سياسات جريئة، تركّز على جودة الوظائف، والتعليم المستقبلي، وعدالة توزيع الدخل.

الذكاء الاصطناعي قادم، ولكن دون رؤية اقتصادية واجتماعية واضحة، فإن كثيرين قد يجدون أنفسهم على هامش الثورة الجديدة.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن "اقتصاد البجعة السوداء"؟!

صورة
لعلك تسمع وتقرأ دائماً في الكثير من الكتب والأوراق الاقتصادية عن هذه العبارات المتكررة باستمرار، عن سهولة التنبؤ بالأحداث والظواهر الاقتصادية، كون أن التاريخ الاقتصادي هو سلسلة من الأحداث المتكررة بشكل متماثل. لكن ماذا لو أن هذا غير صحيح، وتفاجئناً جميعاً في لحظة ما بوقوع أحداث وأزمات اقتصادية غير متوقعة على الإطلاق. إن هذا هو ما نقصد به "اقتصاد البجعة السوداء"، والذي يدعو إلى ضرورة آخذ الحيطة والحذر تجاه كل ما هو غير متوقع، بدلاً من محاولة التأكيد على أنه يمكن التوقع بكل شئ، لأن الأزمات المالية التي وقعت في القرنين العشرين والواحد وعشرين قد أكدت أنه لا يمكن التنبؤ بكل شئ في علم الاقتصاد. في البداية يجب الإشارة، إلى أن هذا المفهوم "أحداث البجعة السوداء"، يرجع إلى الأديب والرياضياتي والخبير في شؤون الرياضيات المالية "نسيم نقولا نجيب طالب"، وهو أمريكي من أصول لبنانية، استطاع عبر خبرته الطويلة في العمل في الشركات المالية في وول ستريت في نيويورك، أن يصل إلى نظرية جديدة أطلق عليها "نظرية البجعة السوداء"، وهذه النظرية تصلح لتطبيقها في الكثير...
قراءة المزيد

كتاب EVIEWS والقياس الاقتصادي للدكتور خالد محمد السواعي

صورة
إذا كنت من هؤلاء الذين يريدون ضرب عصفورين بحجر واحد فعليك بهذا الكتاب الرائع في تعلم الاقتصاد القياسي وأحد أفضل البرامج الإحصائية وهو EVIEWS ، فالكتاب يتميز بالجودة العالية سواء من حيث الإخراج أو الشرح. حيث يتم الشرح تفصيلياً ثم تطبيق الشرح عبر برنامج   EVIEWS وأحيانا يتم الشرح من خلال برنامج EXEL . وكما جاء في مقدمة هذا الكتاب "هذا الكتاب دليل يبسط للمبتدئ استخدام EVIEWS ويعرفه على مبادئ وطرق القياس الاقتصادي وكيفية حسابها خطوة بخطوة يدوياً وباستخدام برمجية EVIEWS للقياس الاقتصادي، أعددته بناءاً على طلب بعض الأصدقاء للاستفادة منه في الدورات التي يعقدها مركز التدريب الجمركي في عمان، واستخدام البرمجية والتمكن من التنبؤ وتقدير الايرادات، كما أنه مفيد لطلبة القياس الاقتصادي، ولمن يرغب باستخدام البرمجية لتحليل العلاقات الاقتصادية في حدها الأدني، ويعرض الكتاب كيفية بناء النماذج الاقتصادية والقياسية وأنواع البيانات، وتحليل الانحدار البسيط والمتعدد، واختتم بعرض النماذج الحركية وكيفية الاستفادة منها بعمليات التنبؤ. ويتكون هذا الكتاب من خمسة فصول، يناقش الفصل الأول مجال الاقت...
قراءة المزيد

تعرف على الفرق بين الاقتصاد الواقعي والاقتصاد المثالي

صورة
     يعد علم الاقتصاد، رغم تطوره الهائل في السنوات الأخيرة واعتماده على التكميم والقياس للظواهر الاقتصادية المختلفة وإمكانية التحقق من مدى صحة التحليلات الاقتصادية من عدمه، إلا أنه يبقى علماً من العلوم الاجتماعية التي تخضع لنوعين من الدراسات، هي الدراسات المثالية والدراسات الواقعية، وفيما يلي عرض للفرق بين النوعين: أولاً: الاقتصاد الواقعي:      يهتم هذا النوع من الاقتصاد بالدراسات التطبيقية، أي التي تحاول دراسة الواقع كما هو (وليس ما يجب أن يكون عليه)، وحل مشكلاته واستمداد النتائج منه، وبما أن هذا النوع من الاقتصاد يرتبط بالواقع فإنه يمكن التحقق من مدى مصداقية نتائجه عن طريق مقارنتها بالواقع. ففي حالة دراسة الطلب في دولة معينة أو مجتمع معين، يتم الاعتماد على البيانات الخاصة بحالة الطلب في المجتمع (والتي غالباً ما تكون عن طريق العينات العشوائية)، ثم مقارنة نتائج الدراسة مع الواقع الفعلي لهذا المجتمع.      وقد أصبحت الدراسات الواقعية هي الأكثر انتشاراً من الدراسات المثالية، نظراً للتطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات وتواف...
قراءة المزيد