البنك الدولي: الاقتصاد العالمي على أعتاب أبطأ نمو منذ الأزمة المالية العالمية

 


يبدو أن العالم يتجه نحو عام اقتصادي صعب آخر، مع توقعات البنك الدولي بتراجع النمو العالمي إلى 2.3% في 2025، وهو الأدنى منذ عام 2008، باستثناء فترات الركود الحاد.

في تقريره نصف السنوي الصادر مؤخرًا، حذّر البنك الدولي من تباطؤ اقتصادي واسع النطاق نتيجة التوترات التجارية، والمناخ الجيوسياسي غير المستقر، إضافة إلى تصاعد الحواجز التجارية. هذا التخفيض الأخير للتوقعات – بانخفاض 0.4 نقطة مئوية مقارنةً بتقديرات يناير – يعكس حجم القلق المتزايد بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي.

البيئة العالمية: اضطراب السياسات التجارية وتراجع الثقة

أشار البنك إلى أن تصاعد السياسات الحمائية والتشريعات المقيدة للتجارة يشكلان عاملًا رئيسيًا وراء هذا التباطؤ، إلى جانب الغموض المحيط بالسياسات الاقتصادية الكبرى. وأوضح أن أي تصعيد إضافي في القيود التجارية، أو استمرار حالة عدم اليقين السياسي، قد يؤدي إلى زيادة التوتر المالي وتراجع معدلات النمو أكثر مما هو متوقع حاليًا.

ورغم توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق مبدئي بشأن النزاع التجاري بينهما، إلا أن تفاصيل الاتفاق لا تزال محدودة، والمخاوف من نكسات مستقبلية لا تزال قائمة.

الاقتصادات الكبرى: التباطؤ قادم

  • الولايات المتحدة ستشهد تباطؤًا ملحوظًا في نمو ناتجها المحلي الإجمالي إلى 1.4% في 2025، بانخفاض كبير قدره 0.9 نقطة مئوية عن توقعات سابقة. التحسن في 2026 سيكون طفيفًا إلى 1.6%.

  • منطقة اليورو ستشهد نموًا ضعيفًا لا يتجاوز 0.7% في 2025، يرتفع قليلًا إلى 0.8% في 2026، ما يعكس استمرار الضغوط على الطلب والاستثمار.

  • الصين، وعلى الرغم من الضغوط التجارية وضعف الطلب الخارجي، يُتوقع أن تحافظ على وتيرة نمو تبلغ 4.5% في 2025، بفضل حوافز مالية متوقعة، تليها 4.0% في 2026.

منطقة الشرق الأوسط: بوادر تعافي مدفوعة بالنفط

في المقابل، تظهر بعض إشارات الانتعاش في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يتوقع البنك نموًا بنسبة 2.7% في 2025، بدعم من عودة النشاط النفطي لدى الدول المصدّرة، رغم التراجع المتوقع في الأسعار.

أما اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، فيُتوقع أن تستفيد من إنهاء قيود "أوبك+" على الإنتاج اعتبارًا من أبريل 2025، لترتفع وتيرة النمو إلى 3.2% في 2025، ثم 4.5% في 2026، و4.8% في 2027.

الأسواق تحت المجهر: هدوء حذر رغم الاتفاق التجاري

رغم خبر التوصل إلى اتفاق تجاري بين واشنطن وبكين، لم تشهد أسواق المال ارتدادًا قويًا. فقد سجلت مؤشرات آسيا أداءً متباينًا، بينما ظلت العقود الآجلة في وول ستريت هادئة. أما مؤشر EGX30 المصري، فقد ارتفع بنسبة طفيفة بلغت 0.1%، بدعم من مشتريات المستثمرين الأجانب، وسط تداولات قوية تجاوزت 5.3 مليار جنيه.

يتضح أن الضغوط البنيوية والتجارية باتت تعصف بالنمو العالمي، في وقت تتأرجح فيه الأسواق بين آمال التهدئة السياسية ومخاوف الركود الخفي. وإذا لم تُترجم التفاهمات الكبرى إلى اتفاقات اقتصادية حقيقية ومستقرة، فإن سيناريو تباطؤ مطوّل للاقتصاد العالمي سيكون أقرب إلى الواقع مما نتصور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن "اقتصاد البجعة السوداء"؟!

كتاب EVIEWS والقياس الاقتصادي للدكتور خالد محمد السواعي

تعرف على الفرق بين الاقتصاد الواقعي والاقتصاد المثالي