الرقابة المالية تعتمد أول معايير ملاءة مالية لشركات التمويل غير المصرفي وفقًا لبازل 3

 

في خطوة تنظيمية مهمة تعكس التوجه نحو تعزيز الاستقرار المالي وتطبيق أفضل الممارسات العالمية، أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية القرار رقم 137 لسنة 2025 بشأن معايير الملاءة المالية للشركات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي، وذلك لأول مرة بما يتوافق مع معايير بازل 3.

تهدف هذه الخطوة إلى تقوية المراكز المالية لشركات التمويل غير المصرفي، وتعزيز قدرتها على مواجهة المخاطر الائتمانية والتشغيلية والسوقية، وتقليل آثار الصدمات الاقتصادية المستقبلية، بما يضمن استدامة الأعمال والوفاء بالالتزامات.

التطبيق التدريجي للمعايير

ألزمت الهيئة الشركات بإجراء تطبيق تجريبي للمعايير الجديدة اعتبارًا من يناير 2026، مع موافاة الهيئة بتقارير ربع سنوية عن النتائج، على أن يبدأ التطبيق الإلزامي الكامل في يناير 2027، لتكون هذه المعايير بديلة عن جميع القرارات السابقة المنظمة للملاءة المالية.

كما شددت الهيئة على ضرورة قيام الشركات بإعداد خطط عمل واضحة وتطوير أنظمتها الإلكترونية لتطبيق المعايير بكفاءة، مما يعكس تحولًا نوعيًا في مستوى الحوكمة المالية بقطاع التمويل غير المصرفي.

تعديلات جوهرية على كفاية رأس المال

استحدث القرار معايير جديدة لتمويل متناهي الصغر، وأدخل تعديلات على التمويل العقاري، والتأجير التمويلي، والتخصيم، والتمويل الاستهلاكي، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وشملت التعديلات:

  • إضافة هامش مواجهة المخاطر لتغطية الخسائر غير المتوقعة.

  • هامش مواجهة التقلبات الدورية لضمان استمرارية التمويل خلال فترات الاضطراب الاقتصادي.

  • تطوير احتساب كفاية رأس المال بما يتماشى مع معايير بازل 3 لتفادي الإفراط في منح الائتمان.

ضبط السيولة ومخاطر التشغيل

شملت التغييرات أيضًا تحديث نسب السيولة قصيرة الأجل، واستحداث مؤشر لقياس السيولة طويلة الأجل لضمان توازن الالتزامات والأصول.
كما تم تعديل متطلبات مخاطر التشغيل لتشمل كافة عناصر قائمة الدخل، بجانب إدخال مخاطر السوق في احتساب كفاءة رأس المال، بما يرفع قدرة الشركات على مواجهة الأزمات اليومية والمفاجئة.

معالجة الديون والحد من مخاطر التركز

أدخلت الهيئة تعديلات مرنة على قواعد إعدام الديون، بحيث يحق للشركة شطبها بقرار من مجلس إدارتها وفق ضوابط محددة بدلًا من الانتظار 18 شهرًا. كما شددت المعايير على أهمية تقليل مخاطر التركز القطاعي والفردي، عبر فرض متطلبات رأسمالية إضافية على الشركات التي تتجاوز النسب المقررة، وذلك للحد من الانكشاف المفرط على قطاعات اقتصادية معينة.

جدير بالذكر أن معايير بازل 3 هي حزمة من الإصلاحات التنظيمية أقرّتها لجنة بازل للرقابة المصرفية عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008تهدف إلى رفع كفاءة رأس المال والسيولة بالمؤسسات المالية، بما يعزز قدرتها على مواجهة الأزمات والصدمات الاقتصادية، وضمان استقرار الأسواق المالية.

ختامًا

يمثل إصدار معايير الملاءة المالية الجديدة نقلة نوعية لقطاع التمويل غير المصرفي في مصر، إذ يرسخ أسس الانضباط المالي، ويعزز متانة الشركات لمواجهة الأزمات، بما يدعم قدرة هذا القطاع الحيوي على دعم الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستثمار المستدام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن "اقتصاد البجعة السوداء"؟!

كتاب EVIEWS والقياس الاقتصادي للدكتور خالد محمد السواعي

تعرف على الفرق بين الاقتصاد الواقعي والاقتصاد المثالي